قائمة المدونات الإلكترونية

الثلاثاء، 23 نوفمبر 2010

مسمار جحا



من منا لا يعرف جحا.. ؟!
أنه الشخصيه الأسطوريه المليئه بالذكاء و الحكمه مع الكثير من الطرافه و الغرابه فى الأفعال.
أنه أحد أشهر أبطال القصص الخياليه التى دائماً ما تحمل فى طياتها الكثير من العبر و المواقف التى قد نتعرض لها أحياناً،
و إن كانت الحلول التى تطرح فى هذه الحكايات ليست بالضروره قابله للتطبيق، أى أنها قد تكون من باب الدعابه، أو على
سبيل التجديد و إيجاد الحلول الغير متوقعه.

إلا أنه فى بعض الأحيان تكون هذه الروايات مطابقه بالضبط للواقع الذى نحياه و نشاهده بأعيننا كل يوم فى كثير من الأماكن.
و لعل من أشهر حكايات جحا التى يعرفها أغلبنا إن لم يكن كلنا.. حكايه مسمار جحا.
و الحكايه ببساطه أن جحا أراد أن يبيع بيته، و لما جاء المشترى..وضع جحا شرطا ألا و هو أنه يبيعه البيت كله ما عدا
مسمار مثبت فى أحد الجدران داخل المنزل.
و لم يهتم الرجل كثيرا، و وافق..فما المشكله؟ أنه مجرد مسمار لا يعنيه كثيراً، و لكن هذا الرجل لم يكن يدرك مكر جحا.
و تمت البيعه و أنتقل الرجل إلى المنزل، و كانت المفاجأه فى نهايه اليوم عندما وجد جحا قادما بحماره و يربطه بداخل الدار،
و بالتحديد ف المسمار الذى لم يبيعه له. و أعترض الرجل و ثار و هاج و ماج و سأل جحا كيف هذا؟ فأجابه جحا بهدوء
المسمار ملكى أفعل به ما أريد. و أغتاظ الرجل كثيراً بعد أن فطن إلى الخدعه..و لكن ما عساه أن يفعل؟إنه لا يملك سوى
الأستسلام للأمر الواقع.

و الأن دعونا نطبق هذه القصه على حياتنا، و لنرى كم المسامير من هذا النوع فى حياتنا.
بالطبع هيا كثيره و متشعبه و فى كل مكان، و لكن أسمحوا لى أن أقترح مسمار بعينه يؤرقنا جميعاً، مسمار دق فى ظهر الأمّه
منذ أكثر من ستين عاماً... أنه دوله الأحتلال.
ذلك المسمار الذى دقه الأستعمار الغربى فى ظهر أمتنا لكى يأرقها و يقض مضجعها فتبقى منشغله به دائماً، ولا تقوم لها قائمه.
تلك كانت مجرد بدايه، فالبدايه كانت تخطيط و ترتيب من الأستعمار، يقابله ضعف و تخاذل من الأمّه كلها.

ولكن هذا المسمار لم يكن أبداً مسماراً عادياُ، بل أنه مسمار ذو عقل و تدبير و مكر و دهاء، فهو لم يأت ليخدم مصالح من
ثبتوه هنا و لكنه أستخدمهم لكى يصل إلى أغراضه هو، و لقد نجح.
و الان حانت اللحظه كى يعمل لنفسه فقط، فقد أصبح له كيان قائم بذاته و ما عليه إلا أن يثبت نفسه فى الحائط العربى أكثر.

و كانت البدايه فى عام 1956، و تحت مظله الحمايه من الأستعمار بالطبع، فهو ليس بعد بالقوه التى تمكنه من أن يتحرك وحده،
و لكن تحت مظله الحمايه من إنجلترا و فرنسا وجد لنفسه مكان لكى يتحرك و يعلن عن نفسه..أنا هنا أيها العرب.
ولكن كعاده العرب فى العصور الأخيره، لا يهتمون كثيرا بما يجرى حولهم، فلم يأخذوا الأعلان على محمل الجد، فمن وجه نظرهم
الثاقبه أن هذا المسمار أهون عليهم من جناح بعوضه، و يمكنهم أنتزاعه متى أرادوا، و السؤال الذى يحيرنى..طالما كنتم قادرون
على أنتزاعه بهذه السهوله فلما لم تنتزعوه يا ترى..؟!!
و أنتهى العدوان الثلاثى بعد تدخل الأتحاد السوفيتى و أمريكا، و أنتهى معه الأعلان..و بدأت مرحله جديده..فالمسمار نشيط للغايه
لا يهدأ أبداً، و هو أيضاًشديد الطمع و الجشع فلا يشبع أبداً. و هو يحلم منذ أمد بعيد بأن يكون له وجود فى هذا المكان، وإن
كان طمعه يدفعه لأن ينشر مسامير أخرى فى كل مكان حوله، فأخد يخطط لهذا و يجهز كل المسامير الممكنه لديه، حتى حان الوقت
وجاء عام 1967 أو كما يحلو للبعض تسميته النكسه كما لو كنا نتكلم عن مريض أصيب بقليل من البرد، فليسموه كما يحلو لهم،
لكن بعيداً عن التسميات..كانت الصدمه قويه للغايه، فالمسمار الذى أعتقدوا أنه أهون من جناح البعوضه و يمكنهم أنتزاعه متى أرادوا
قد أستغل هذا الأسلوب السلبى فى التفكير و قوى نفسه أكثر فأكثر حتى أصبح وتد.

و تخبط الجميع..الكل يلقى بالتهم على الأخر..الكل يتنصل من المسؤليه، فالهزيمه لا أب لها على عكس النصر فله ألف أب.
و لكن الله كان بنا رحيما و كأن هذه الصفعه جاءت لتعيدنا إلى الطريق الصحيح، تمثلت بدايات العوده إلى الطريق فى تغيير من
تسببوا فى هذا سواء كان هذا التغير بشكل طبيعى بوفاه أشخاص أو بأعتقال البعض الأخر، المهم أن الساحه تغيرت و ظهر بها بعض
الوجوه المبشره، و التى بدأت بتغيير بعض المفاهيم البائده و أسلوب الفتوه الذى لا يقهر الذى كان فى السابق، و بدأوا فى الأخذ
بأسباب العلم و القوه كما أمرنا الله. و تحسن الوضع شيئاً فشيئاً، و جاء نصر الله عام 1973، و إنحسر المسمار عائدأ مره
أخرى لمكانه الأول.
و لكن.. اه من لكن هذه دائما ورائنا، فلم يمر غير قدر يسير من الوقت حتى تخلينا مره أخرى عن أسباب العلم و العمل الجاد،
و عدنا إلى القوه الزائفه و العنجهيه المقيته.
و بالطبع فالمسمار كان الأسعد بهذه الحاله، فهو ما يمكنه من أستعاده نشاطه و الأستعداد من جديد و المحاوله مره أخرى لإنشاء
مملكه المسامير التى يريدها من الفرات إلى النيل.
و عدنا من جديد إلى الغفله و الكسل .. و عاد هو إلى النشاط و العمل، ولإن الله سبحانه و تعالى هو العدل فهو يعطى لمن
يجتهد أياً كان من هو..و لهذا فقد تقدموا و تفوقوا، ونحن توقفنا مكاننا نحكى عن الأمجاد والبطولات.
و أصبح الوضع مخيف و ينذر بكوارث جديده، فنحن لم نتعلم بعد من أخطاء الماضى القريب جداً، فالمسمار عاد من جديد إلى محاوله
نشر مسامير صغيره داخل أرضنا لكى تنمو و تصبح أوتاد صلبه، و نحن لا زلنا غافلين.



من منا لم يسمع فى الأونه الأخيره عن المدعو أبو حصيره..؟!
و لمن لا يعرف بعد أبو حصيره هذا هو أحد الحاخامات اليهود، قبره موجود بالقرب من مدينه دمنهور بمحافظه البحيره.
المهم أنهم يستخدمون نفس أسلوب جحا فى قصه المسمار بالضبط..فأبوا حصيره هذا هو أحد مساميرهم التى ينشرونها فى أراضينا،
و كل عام يدخلون إلى أرضنا بحجه مولد أبو حصيره هذا، و يقيمون الحفلات الصاخبه المليئه بالرقص و الخمر و المجون، يفعلون كل
ما يمكن لإثاره الناس، نفس نظريه مسمار جحا..يأتون إلى دارك و يفعلوا ما يريدون و الحجه المسمار.
و نحن بالطبع لا نزال غارقون فى نفس النوم اللذيذ و الذى أقترب من نوم أهل الكهف و يكاد ينافسه، و الله و حده يعلم متى
نستيقظ منه.
و أننى أتعجب بشده من حالنا هذا..لماذا نحن دائما رد الفعل؟!لماذا يسبقوننا دائما؟لماذا نتركهم يثيروننا و يقلقوننا و لا نفعل مثلهم؟
هل كتب علينا أن يتحكم فينا كل البشر؟!
بالله عليكم قولوا لى أيهم يمكن أن يطبق عليه نظريه مسمار جحا بسهوله أكبر..أبو حصيره هذا أم المسجد الأقصى؟!!!
نحن نملك مسجداً كان هو أولى القبلتين، و هو أحد المساجد الثلاثه التى لا يشد الرحال إلا أليها. و مع هذا فنحن نكتفى بدور
المشاهد الأبله الذى يبتسم طوال الوقت دون أى سبب و كأنه يشاهد فيلم عن أمر لا يعنيه.
لماذا لا نذهب للصلاه فى مسجدنا، فى أرضنا المحتله..لماذا لا نصلى ف المسجد الأقصى؟!!
تخيلوا معى لو أن الاف الناس من كل بقاع الوطن العربى يذهبون كل عام الى المسجد الأقصى ليصلوا فيه..تخيلوا معى الذعر الذى
سيصيبهم و الفزع من كل شخص و ما أذا كان مجرد زائر أم جاء لأمر أخر، تخيلوا كم سيقض هذا مضاجعهم و يجعلهم يتلفتون
حولهم فى كل أتجاه، و يشتت تركيزهم عن خططهم للتوسع.
و لكن يبدو أننا نتلذذ بلعب دور الضعيف المستضعف الذى لا حول له ولا قوه، الذى يستجدى بدموعه العالم..و ياليتنا نجيد هذا الدور
ولكن حتى فى هذا يسبقوننا..فهم أساتذه فى ذرف الدموع و طبعا معهم الأعلام العالمى يؤيدهم و بالتالى فنحن نخسر على الصعيدين..
على صعيد المبادره، و أيضاً على صعيد رد الفعل.

إنهم يسبقوننا بمراحل عديده فى كل الأتجاهات، و إن لم نستفق من غيبوبتنا الطويله هذه و نركض خلفهم بكل قوه كى نلحق بهم، فإن
الكارثه قادمه لا محاله.
أدعو الله سبحانه و تعالى أن يمن علينا بإيقاظنا و إن كنا لا نستحق، كما أدعوه أن يعزنا بأناس يأخذوا بأسباب القوه و العلم،
و يجعلوهما أساس كل عمل،..أدعوه أن يعيننا على أنتزاع ذاك المسمار..و إلى الأبد.

 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق