قائمة المدونات الإلكترونية

الاثنين، 6 ديسمبر 2010

عندما تسكت شهرزاد...(6)





و لما كانت الليله السادسه من ليالى شهرزاد الجديده...
جلست مبتسماً، و الفرح يغمرنى..فاليوم كان يوم ميلادى، و الكل جاء مهنئاً،
متمنياً لى طول العمر و دوام السعاده و العافيه، مرفقين دعواتهم و أمنياتهم
بكل  غال و نفيس من شتى ألوان و أصناف الهدايا، و التى أثارت أعجابى
و دهشتى فى نفس الوقت من أختلاف أنواعها و كثرتها،و لكنى لم أتوقف كثيراً
أمام هذا، و إنما جل ما أستوقفنى فى الأمر هو الشعور بأهتمام  مرؤسيك بك..
يا لهذا الحب الجارف الذى أظهرته لى كلماتهم الجميله الرقيقه، و أبتسامتهم الدائمه
فى وجهى ، و تفهمهم لأفكارى و إعجابهم و سعادتهم بها، إن هذه المشاعر جعلتنى
أنتشى ، و أشعر أننى لا ينقصنى شئ..و لكن ..
أين شهرزاد؟!..
تنبهت فجأه إلى أننى لم أراها طوال الليل..إنها حتى لم تهنأنى حتى الأن..!
ترى أين هى؟!..و شرعت أبحث عنها فى أرجاء القصر، حتى وجدتها تجلس شارده
الذهن فى إحدى الشرفات..فإقتربت منها فى هدوء دون أن تشعر بى وو ضعت يدى
على كتفها، فإلتفتت بسرعه و على وجهها بعض علامات المفاجأه..
فقلت لها..لا عليك إنه أنا..
إبتسمت و هى تقول..عفواً، لم أشعر حين دخلت..ثم سألت..هل إنتهى إستقبال الناس؟..
قلت لها مداعباً..نعم لقد هنأنى كل الناس، إلا شخص واحد..ترى أحزين هو فى يوم
ميلادى؟....
ضحكت و قد أدركت ماأرمى إليه بسؤالى، ثم قالت..كل عام و أنت بخير..أرجو الله
أن يمن عليك بدوام الصحه و السعاده.
فعدت أسألها فى إهتمام..و لكن ماذا عنك؟! خبرينى لماذا لم تكونى إلى جوارى عندما
كان الناس يهنؤنى؟!..
صمتت قليلاً قبل أن تقول..إننى فقط لست معتاده على الأماكن المليئه بالناس فى مثل
هذه المناسبات.
تأملتها قليلاً قبل أن أسألها.. أواثقه أنت أن هذا كل شئ؟!..
قالت فى لهجه لم تنجح بإقناعى..نعم هو ذاك..ثم أردفت بسرعه..ولكنى خبرنى ..

كيف كان الإستقبال؟..
أدركت محاولتها للتهرب من سؤالى ، غير أنى لم أعترض فأجبتها..يالها من ليله يا شهر..!
لقد جاء الناس من كل حدب و صوب لتهنئتى..كل الوزراء وكبار رجال الدوله و الولاه..
ليتك كنتى معى لتشعرى بمدى حبهم لى ، و سعادتهم، و الهدايا النفيسه التى تنافسوا جميعاً
لإحضارها..!.. حقاً إن الشعور بأنك محبوب من أقرب الناس إليك شئ رائع.
علت أبتسامه غريبه وجهها و هى تقول..نعم هو كذلك ، و لكن حين يكون هذا الحب حقيقياً،
و لوجه الله فقط دون أى غرض.
شعرت ببعض القلق من كلماتها فسألتها.. ماذا تعني؟!..
عادت إلى غموضها مره أخرى و هى تقول..هل ترغب أن تسمع حكايه جديده؟..
قلت لها..أنك لم تجيبى عن سؤالى بعد.
قالت ...إسمعها علك تجد فيها أجابه عن سؤالك.
نظرت أليها و أنا أفكر فى كلماتها، ثم قلت لها ..حسناً هات ما عندك.
إبتسمت و هى تقول..


بلغنى أيها الملك السعيد، ذو الرأى الرشيد..أنه كان فى بلاد بعيده،
قديمه و عريقه، كانت ذات يوم حضاره كبيره..

كان للبلاد حاكم، على أمرها قائم، و بشأنها عالم...
و كان للحاكم حاشيه، تراهم كأنهم الزبانيه، لهم عقول كالماشيه، و أراء تدفع إلى الهاويه،
لا هم لهم إلا أن يجعلوه طاغيه.
فالحاكم حين يطغى ، سيكون لهم أجدى...
و لكن كيف يا ترى ينالوا المراد، و يرتاح منهم الفؤاد؟..
أخذوا يفكرون، و مع بعض يتناجون، ولشياطينهم يستحضرون..حتى هداهم التفكير،
و حسن التدبير ، إلى خطه محكمه، لرغبتهم متممه، وللبلاد محطمه.
فهلاك المرء يكمن فى الغرور، و أن يصير بنفسه مسحور..فعليهم إذاً أن ينموا غروره.
و شرعوا فى التنفيذ، وزادوا له التحفيز..فأكثرو عليه الثناء، و صار كل الكلام إطراء..
فما عاد يرى إلا رأيه، ولا يعجبه إلا فكره.
و أخذوا منه يتقربون ، و الحب له  يظهرون،  و الهدايا إليه يحملون..حتى صار يعدهم أهله،
و جعلهم سنده.
فصار لهم حكم البلاد، فأكثروا فيها الفساد، حتى غابت العداله و عم الظلم و ساد..
و أضحى الناس فى حزن و كأبه، و صاروا جميعاً غلابه، يلومون الحاكم ولا يستطيعون
حسابه.
و ملئ القهر القلوب، و لم يعد الحاكم محبوب، و لاح للتغيير دروب،و لم يعد منه هروب،
و......
و صاح الديك...
و هنا أدرك شهرزاد الصباح..فسكتت عن الكلام المباح..




السبت، 4 ديسمبر 2010

عندما تسكت شهرزاد...(5)






و لما كانت الليله الخامسه من ليالى شهرزاد الجديده..
جلست و حيداً فى أحد أركان الغرفه مستغرقاً فى تفكير عميق،حتى أننى لم أعد أدرى
كم مر على من الوقت و أنا على هذه الحاله، و لم أنتبه إلا على صوت شهرزاد الذى
أتانى ليخرجنى من تلك الحاله، و هى تسألنى بصوت هامس ..ماذا بك؟!..
و أستغرقنى الرد بضع لحظات أخرى و أنا صامت و محدق بها، ثم أجبت بصوت
يحمل الكثير من الهم و القلق..الناس يا شهرزاد..أحوال الناس تقلقنى بشده.
سألت مره أخرى ..أى من أحوال الناس يقلقك ؟!..
قلت لها.. أشعر بتغير كبير فى أسلوب تفكيرهم، و فى المبادئ العامه التى ترسم
ملامح حياتهم..أشعر و كأنهم لم يعودوا نفس الناس كما عرفتهم دوماً..تغيرت
أولوياتهم ، و عقولهم ،وأخلاقهم.
عقدت حاجبيها و هى تقول فى إهتمام..هذا أمر يدعو للقلق بالفعل..ثم إستطردت
و قالت ..من المأكد أن هناك خطأ ما فى نظام الحياه العام المحيط بهم، ربما  لا يحفزهم
بما يكفى نحو الأشياء الإيجابيه ..مما يدفعهم لبدائل أخرى سلبيه.
سألتها ..ماذا تعنى؟!..
إبتسمت أبتسامه غامضه، ثم قالت .. هل ترغب فى سماع حكايه جديده؟..
صمتت قليلاً و أنا أحاول أن أستكشف ما يدور بعقلها.. ثم قلت ..حسناً..هات ما عندك.


أعتدلت و هى تقول..بلغنى أيها الملك السعيد، ذو الرأى الرشيد.. أنه كان فى بلاد بعيده،
قديمه وعريقه، كانت ذات يوم حضاره كبيره..

كان الناس  يعيشون حياه عاديه، مليئه بالأحلام الورديه، و التطلعات المستقبليه،
العلميه منها و الأدبيه.
فالكل مشغول بالأبناء، و يتمنى أن ينالوا ما لم ينل الأباء، الكل يفكر ويختار،
ما بين طبيب أو أديب أو سفير أو حتى وزير..
و دائماً كان يحدوهم هذا الأمل و يدفعهم لمزيد من العمل..فمنهم من يوفق و منهم من يخفق،
و لكن كان الكل سعيد..فالأحلام تجعل للحياه مذاق فريد.

و مرت السنوات، و تغير كل ما فات، و أنقلب حال البلاد...
فلم يبق شيئاً فى مكانه، الكل فقد إتزانه، و ضاعت هويته و عنوانه.
فالمال بات منتهى الأمال، و لم يعد للعلم مجال.
انتهى حلم الإبن الطبيب، و حل مكانه المطرب و اللعيب.
فلغه الأرقام أصبحت هى الأرفع مقام،أما العقول فلم تعد تلقى القبول.

و تدهورت الأحوال،تضاربت الأقوال...و لم يبق لأهل البلاد إلا التضرع لرب العباد،
أن يهديهم سبيل الرشاد، و.....
و صاح الديك..


فتثائبت شهرزاد و قالت .. فلنكمل غداً يا مولاى..
و هنا أدرك شهرزاد الصباح..فسكتت عن الكلام المباح...

الجمعة، 3 ديسمبر 2010

عندما تسكت شهرزاد...(4)





و لما كانت الليله الرابعه من ليالى شهرزاد الجديده..
جلست على الأريكه ، و أمامى طبق ملئ بأنواع عديده من الفواكه،و بجوارى
جلست شهرزاد..و كان شكل الفاكهه شهياً، فهى من كل الأنواع و الاشكال،فهذا
برتقال،وهذا تفاح،و هذا موز،وهذا عنب،....إلخ.
ثم وقع أختيارى على البرتقال..فمددت يدى و إلتقطت أحدى الثمار جميله الشكل،
نضره اللون..ثم تذوقتها فوجدتها حلوه المذاق، فشرعت فى إلتهامها، عندئذ واجهتنى
مشكله..فالثمره بها بعض البذور الصغيره،فإضطررت أن أتوقف عن الأكل لكى
أخرج هذه البذور أولاً.
و شعرت ببعض الضيق من هذا ، ووجدتنى أقول ..لو أن هذه البرتقاله بلا بذور.
فتبسمت شهرزاد حين سمعت هذا الحديث و قالت..هكذا أراد الله منذ أن خلقها،
أن تكون بداخلها تلك البذور.
فإلتفت إليها و قلت..هذا صحيح، غير أنى قد سمعت فى الأونه الأخيره ، أن هناك
نوع من العلوم يمكنه أن يزيل هذه البذور،فتنمو الثمره دونها و تصبح أكبر .
تجهم وجه شهرزاد حين سمعت هذا،وقالت..إن هذا العبث ،و محاوله التغيير فيما
خلق الله سبحانه وتعالى، لهو أشد أنواع الخطر على البشر.
ثم إستطردت و قالت..أتود أن تسمع حكايه جديده؟...
قلت لها..كلى أذان مصغيه..هات ما عندك.
قالت...


بلغنى أيها الملك السعيد،ذو الرأى الرشيد..أنه كان فى بلاد بعيده،قديمه و عريقه،
كانت ذات يوم حضاره كبيره..

كان الناس فى سرور يعيشون، يزرعون ما يأكلون، و يأكلون ما يزرعون،
و إن عازهم شئ فهم به لا ينشغلون، مادام لديهم الماء و الزرع و بعافيتهم يتمتعون.
و ظلت الأيام تدور، و الكل يحيا فى هناء و سرور..
حتى تولى الأمر وزير، قصير و مكير، يعرف بأنه شرير، وهو للأعداء أجير.

فأخذ هذا الشرير فى التفكير..حتى هداه عقله الأثيم و شيطانه الرجيم إلى مخطط
ملعون، يكون فى الأرض مدفون.

فحياه الناس فيما يزرعون، أن صح يصحون، وإن فسد يموتون.
فراح ذلك المشئوم، و أحضر السموم ، و خدع الناس بإسم العلوم...و أعطى كل
واحد من السم مقدار، و قال هو يقى الزرع الأخطار، فليرش به طوال النهار.
و صدقه الناس... ففسد الزرع من الأساس.

و مرت الأيام و السنين،و تغير حال الشعب المسكين، فأضحى حزين،
و بات يشكو من المرض اللعين.
حتى الدواب و الطيور، لم تسلم من شر ذاك الموتور... و شيئأ فشئ
أختفى من الحياه الفرح و السرور.

و تبدلت الأحوال، و ذاق الناس مر الأهوال...فضعفت الأجسام،و زادت الألام،
وباتت الصحه ذكريات و أوهام،و....

وصاح الديك....

فتثائبت شهرزاد و قالت..فلنكمل غداً يا مولاى.
و هنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح....

الأربعاء، 1 ديسمبر 2010

عندما تسكت شهرزاد...(3)





و لما كانت الليله الثالثه من ليالى شهرزاد الجديده..
وقفت فى شرفه القصر أشاهد الأمطار الغزيره، المنهمره بشده فى تلك الليله،
و بينما أنا واقف أشاهد، إذا بحركه خلفى ..فألتفت سريعاً..فوجدتها شهرزاد..
التى إبتسمت و قالت لى ..أمازلت مستيقظ حتى الأن؟...
قلت لها ..نعم يا شهرزاد ، فالأمطار الليله تهطل بغزاره، و أشعر ببعض القلق،
قالت هو خير من عند الله ، فالأمطار و المياه هما الحياه لكل كائن حى.
قلت ..نعم أنت على حق ، و لكن أحياناً قد تكون الهلاك ، فعندما تزداد الأمطار
، يفيض النهر و تندفع المياه الغزيره لتغمر البيوت و الأراضى من حوله.
صمتت قليلا ًثم قالت .. على كل حال هذا أفضل كثيراً من الجفاف، أو أن تقل
مياه النهر، أو أن يمنعها شخص ما من الوصول للناس..
ثم إلتفتت إلى و قالت..هل ترغب فى سماع حكايه جديده؟..
أجبتها فى لهفه..بالتأكيد..هات ما عندك.
إبتسمت و هى تقول..

بلغنى أيها الملك السعيد، ذو الرأى الرشيد.. أنه فى بلاد بعيده، قديمه و عريقه،
كانت ذات يوم حضاره كبيره...
كان يجرى نهر عظيم، فى فيضه كريم، هبه للبلاد من السميع العليم...
و كان الناس يعيشون على ضفاف النهر، راضين بالحياه بما فيها من القهر،
حتى كان ذات صباح ....إستيقظ الناس ليجدوا النهر قد ذهب، و الماء قد نضب،
و الزرع قد جدب..!

فأسرع الناس إلى الحكام..يسألوهم أعلموا بما حدث ، أم غارقين فى الأوهام؟!..
فرد كبيرهم و قال..لا داعى للقلق فإن الأمور فى إستقرار، وغدأً يأتينا بدلأً من
النهر أنهار.

فأنصرف عنه الناس..بعدما شعروا لديه بإنعدام الإحساس.
و تمر الأيام ..و تعرف الحقائق من الأوهام... فالنهر لن يعود..بعدما شيدت
فى طريقه السدود..فمنعته من عبور الحدود...و ذهبت بمائه إلى العدو اللدود..
الذى يمنيهم بالوعود.

و الحكام لا يزالوا نيّام...مستمتعين بالأحلام..ولا أحد منهم يشعر بالشعب
التعيس...و إنشغلوا عنه بجمع كل غال و نفيس...
أما النهرفليذهب للجحيم...و ليشرب الناس الحميم..كى يبقى الحكام فى النعيم.

و تدهورت الأحوال.. و زادت المخاطر و الأهوال..و باتت الحياه أمر محال،
و درب من الخيال..و.....

و صاح الديك..
و تتثائب شهرزاد و تقول ..فلنكمل غداً يا مولاى..
و هنا أدرك شهرزاد الصباح...فسكتت عن الكلام المباح..