لكل إنسان على وجه هذه الأرض منذ أن خلقها الله سبحانه و تعالى صفات و مواهب تختلف و تتباين من شخص
لاخر ، و مما لا شك فيه أن هذا أيضا ينطبق على الأمم ، فكل أمّه عبر التاريخ تميزت و برعت فى أشياء لم
تضاهيها فيها أى أمّه أخرى ، و كلما أمتد العمر بهذه الأمه و كلما أتسعت رقعتها زاد ما يميزها عن غيرها.
على سبيل المثال .. الأغريق أشتهروا بكثره الفلاسفه أرسطو و سقراط و غيرهم , هذا بالطبع إلى جانب تفوقهم
ف نواحى أخرى كثيره كالقوه العسكريه مثلاً ، و لكن هذه مشتركه بين كل الأمم عبر التاريخ و لذلك لن أتوقف
عندها كثيراً.
العرب مثلا أشتهروا بالبراعه فى الشعر و الأدب و اللغه.
و أذا نظرنا إلى أوربا فى عصور النهضه فقد أشتهرت بالثوره الصناعيه الكبيره و التى أنتشرت فى كل أنحاء
أوربا بل و أمتد تأثيرها ليشمل الإنسان عموما فى كل بقاع الأرض.
عندما أنظر إلى الفراعنه أجد العديد من الأشياء التى تميزوا بها عن سائر الأمم و حتى الان ، فعلى سبيل المثال..
التحنيط .. و الذى لم يستطع أحد و حتى وقتنا هذا أن يكشف عن أسراره ، أيضا فى مجالات العلوم و الهندسه..
يشهد على عبقريتهم الفذه أهرامهم الشامخه عبر الاف السنين و المعابد الضخمه و التى تعتبر معجزه فى البناء
إلى الان ، و العديد و العديد من الأشياء التى ميزتهم عبر التاريخ ، و لكن من أهم الأشياء التى برعوا فيها بل
و تفوقوا على أنفسهم و أرسوا مبادئ لها .. صناعه الفرعون.
لا تندهشوا كثيرا.. نعم هى صناعه..هل يظن أحدكم أن شخص ما يمكن أن يذهب الى فراشه ليلاً ليستيقظ فى
الصباح و قد أتخذ قراراً بأن يصبح إله ، و أنه قد أكتشف فجأه أنه مميز عن باقى البشر من حوله ؟!..
بالطبع لا يمكن .. هذا شئ يبنى و يصنع و هو نتاج لعمل شاق و سنوات طويله من الطفوله إلى الشباب و حتى
مرحله الحكم.
و هى عمليه علميه دقيقه للغايه و تحتاج للأستمراريه و هى ليست عمليه عشوائيه ، و أنما تكون مخططه بدقه
و يقوم على تنفيذها مجموعات مختلفه من حاشيه القصر و الوزراء و الكهنه. هؤلاء هم من ينشأ وسطهم الفرعون
منذ نعومه أظافره ، و منهم يتلقى أصول الفرعنه.
أما الداعم الرئيسى لهذه العمليه فهو الشعب .. الشعب الساذج الصامت و المصدق ابدا.
و كما أوضحت سابقا فأن عمليه صناعه الفرعون عمليه معقده و لها خطوات كثيره.
و أليكم بعض من أهم هذه الخطوات:
أولاً: الأختيار- وفى هذه المرحله يتم أختيار الشخص المناسب و الذى يكون بداخله لمحه من الأحساس بالذات
( عادهً ما يكون الأبن الأكبر للفرعون الموجود) .
ثانيا: الأعجاب- و فى هذه المرحله يتم أبداء الأعجاب بكل كلمه يقولها و كل تصرف يفعله مع الثناء على ذكاءه
الخارق و تفوقه على كل أقرانه ، هذا بالطبع إن كان له أقران أصلاً.
ثالثاً: لا للنصح- فهو لا يحتاج إلى النصائح فهو الملهم أبداً..فكيف له أن يسأل من هم دونه؟!.. و حتى إن طلب
النصح يوماً تكون الأجابه : الرأى ما ترى يا مولاى فأنت الزعيم القائد.
رابعاً: الكل خونه- إذا ظهر يوما شخص ما و تجرأ و ناقش أمراً أو اسدى نصحاً فهو خائن و مدسوس من أعداء
الفرعون العظيم .. و لكن الله سلم و كشف الخيانه و حمى الفرعون العظيم من الدسائس و المؤامرات.
خامساً: التأليه-و هو مرحله متقدمه من الأعجاب ، و فيها يذهب الأعجاب الى حد الذهول من قدرات الفرعون
و حكمته إلى حد القول بأن هذه القدرات لا يمكن أن تكون لبشر و أن الفرعون هو بلا شك سليل الألهه.
سادساً: التصديق- و هو مرحله مهمه جداً و خطيره ، وتتم بواسطه جموع الشعب ، فعندما يخرج عليهم الفرعون
يجب أن تنحنى الرؤوس فلا ترفع ابداً فى وجوده ، و من يتجرأ و يرفع رأسه فمصيره معروف.
سابعاً: مزاوله المهام- و فى هذه المرحله يكون الفرعون قد أكتمل صنعه و أقتنع أنه إله و عليه أن يمارس
مهامه بأن يأمر فيطاع مهما كان الأمر فلا يمكن رده ولا يمكن أن يسمع فى أى مكان بالبلاد صوت غير صوته.
و عند هذه النقطه تكون العمليه قد تمت بنجاح و الفرعون قد صنع تماماً.
و يبدو أن هذه الميزه هى الوحيده من كل ما تميز به قدماء المصريين التى أستطاعت البقاء عبر الاف السنين ،
فعلمهم قد ذهب معهم و كذلك قوتهم و مكانتهم و بقيت لنا صناعه الفرعون نطورها و نحدثها .
بقيت لنا كى تميزنا عن كل بلاد العالم المتخلفه التى تتحدث عن أشياء تافهه كالديموقراطيه و حقوق الشعوب
و حقوق الأنسان و التقدم العلمى.
سنظل نحن المصريون بناه الأهرام..
سنظل نحن المصريون ..صناع الفرعون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق